حاطب ليل د0 البوني

حاج زرزور لم يكن حُسن السيرة في القرية، وتحكى عنه أشياء تسيىء للسمعة، طرق باب جيرانه ذات مرة ففتحت له ربة المنزل فبادرها بالسؤال ان اغنامه قد دخلت على اغنامهم، فردت بالنفي واغلقت الباب بسرعة وهي تقول: «سجم خشمنا يا يمة أكان غنم حاج زرزور صاحبن غنمنا».
ومناسبة هذه الرمية ما قرأته قبل أيام لمسؤول شرطي كبير يقول فيه ان التعاون الشرطي بين الولايات المتحدة والسودان في المجال الفني يسير علي ما يرام، ظننت انه يشير الى التعاون في حكاية اغتيال قرانفيل، ولكن اتضح لي ان الاشارة كانت الى ان مجمل العلاقة بين الشرطتين طيبة، وعليه يحق ان نتساءل أو بالأحرى نتمعن في كنه العلاقات الأمريكية السودانية وما بها من غرابة، فالمعلوم ان العلاقات الرسمية بين البلدين ليست على ما يرام وان السودان عند أمريكا لا يزال مصنفاً من الدول الداعمة للإرهاب، وان عداء أمريكا للخرطوم لا يحتاج الى دليل ولا لدرس عصر، وبالمقابل علاقة امريكا بجوبا من أبدع ما يكون، لا بل أصبحت مدخلاً أمريكياً للسودان، فقبل عدة اسابيع جاء في الأخبار ان الخرطوم ترددت في استضافة وليامسون المبعوث الأمريكي للسودان وزائره الاسبوعي، فاذا به يظهر في جوبا ومنها الى الخرطوم، كما ان جنداي فرايزر مساعدة وزيرة الخارجية للشؤون الافريقية أتت للخرطوم عن طريق جوبا هي الأخرى.
تقول أمريكا ان خدماتها ومعوناتها الانسانية للسودان لم تتوقف ولكنها توزع بصورة انتقائية، فأمريكا لديها حدوة حصان جغرافية في السودان الأمر الذى أدى الى ظهور المثلث المنسوب لحمدى، هنالك تعاون استخبارى بين امريكا والسودان معروف لدى الكافة وقد تطور بعد احداث 11 سبتمبر، وها هي الشرطة السودانية تقول ان لديها علاقات طيبة مع الشرطة الأمريكية، بينما السيد وزير الخارجية السوداني ومن داخل البرلمان يقول انه يائس من تحسن العلاقات بين البلدين في هذه الأيام، والمعلوم ان السيد رئيس الجمهورية قد كلف السيد الوزير بالعمل على تحسين العلاقات بين البلدين، وها هو يعلن فشله.
اذاً يا جماعة الخير يحق لنا حتى هذه اللحظة ان نقول ان العلاقات بين البلدين غامضة، فهي ليست مقطوعة ولكنها ممنوعة وفيها الكثير من الانتقاء والتبعيض الجغرافي والمؤسسي، وبالتالى تصبح مفتوحة لكل الاحتمالات والمفاجآت لا سيما وان الادارة الأمريكية الحالية تعيش في أيام «خم الرماد»، ويكفي الاشارة هنا الى ما فعلته في سوريا من غارة على منطقة البوكال، فكأنها تريد ان تورط الادارة القادمة لتصرفها عن ورطة العراق.. غايتو ربنا يستر.