السريحة و آفاق التعليم المظلمة

لا يخفى على أحد أهمية العلم و دور التعليم في حياة الفرد و المجتمع .. فقد قال تعالى : ( قل هل يستوى الذين يعلمون و الذين لا يعلمون ) و قال ( ص ) : ( اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد ) و نبينا محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة و أتمّ التسليم .. إنما بعث معلما و متمما لمكارم الأخلاق و عندما نزل الوحي عليه .. كانت أول عبارة ألقاها سيدنا جبريل عليه السلام قوله : ( إقرأ ) .. و رحم الله شاعرنا حين قال :
و علموا النشء علما تستبين به
سبل الحياة و قبل العلم أخلاقــا
و قال آخر :
العــلــم يرفــع بيتا لا عــمـاد لــــه
و الجهل يهدم بيت العز و الشرف
فالعلم أساس المعرفة و التفكر و التدبر و التأمل .. و قبل كل شيء معرفة المخلوق بخالقه و الغاية السامية من الخلق .. فقد حث القرآن الكريم و في كثير من الآيات إلى إعمال العقل و الفكر للوصول إلى حقيقة الإيمان .. فقد قال تعالى : ( إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) .. و قال تعالى : ( إنّ في ذلك لآيات لأولي النهى ) .. و قال تعالى : ( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ) و قال تعالى : ( إنا عرضنا الأمانة على السماوات و الأرض و الجبال فأبين أن يحملنها و أشفقن منها و حملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ) و هي أمانة العقل كما ذهب بذلك أغلب المفسرين .
فهذه أدلة دامغة و واضحة إلى أهمية إعمال الفكر في مخلوقات الله للوصول إلى حقيقة و جوهر الإيمان و الذي هو غاية و ثمرة هذه الحياة .. فإذا كان هذا هو الحال .. فلا بدّ من غرس هذه القيم الفاضلة في نفوس النشء و حثهم على التعليم و استشعارهم لمدى أهميته في مناحي الحياة المختلفة و ترغيبهم في ذلك لا ترهيبهم ... حتى ينشأ الجميع على هدى و بصيرة من ربهم .. فقد قال تعالى : ( أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمّن يمشي سويا على صراط مستقيم ) .. و بذلك تتحقق لهم سعادة الدنيا و الآخرة بإذن الله تعالى .
لا أحد منا ينكر أهمية العلم و دور التعليم في بناء الأمم و نهضتها و سيادتها .. بل هو اللبنة الأولى و الدعامة الأساسية لأية حضارة من الحضارات كانت أو ستكون .. فمن أراد المجد و الرفعة و السؤدد فليكن العلم أول همه و آخره .. فبه تتحقق الغايات و المطالب و بدونه تضيع كل الجهود هباء منثورا .
فالملاحظ لواقع التعليم بمدينة السريحة في هذه الآونة الأخيرة .. يدرك خطورة الموقف .. و تلك الهوة السحيقة التي ينحدر إليها ... و ما دعاني لقول ذلك جملة من الأسباب أوردها إليكم – على سبيل المثال لا الحصر – فيما يلي :
أولا: بعد إلغاء مجانية التعليم و إلزام الآباء و المواطنين بتهيئة المنشآت التعليمية لأبنائهم .. نلاحظ أنّ هنالك قصور كبير من جانب مواطني السريحة في تهيئة البيئة الدراسية الملائمة .. حيث أنّ مدارس السريحة و بدون استثناء قد اعتراها الوهن .. فقد تصدّعت فصول الدراسة و تزلزلت أركانها و لا مغيث .. ناهيك عن أسوار المدارس و مدى الدمار الذي لحق بها ... فهل مدارس السريحة الموجودة حاليا .. تليق و مكانة السريحة بين القرى و الحضر ...؟؟؟؟؟؟؟؟!!
و إذا كان هذا هو واقع الحال لمدراس لا تقي الطالب حر الصيف و لا زمهرير الشتاء و لا أمطار الخريف ... مدارس لا توفر لطلابها حتى كراسي الجلوس ... فهل يعقل أن نأمل في جهود طلابنا أن تأتي أكلها .....؟؟؟؟؟؟؟!! فذلك المستحيل بعينه .
و هنا أذكر على سبيل المثال مدرسة علي بن أبي طالب للأساس .. تلك المدرسة التي لم يكتمل البناء فيها حتى كتابة هذه السطور على الرغم من أنها مدرسة حديثة تمثل الوجه المشرق لإنسان السريحة .. فلماذا لم تتضافر الجهود من أجل إكمال بناء هذا الصرح التعليمي الهام .
ثانيا: إنصراف الآباء عن معاناة أبنائهم و ذلك بعدم الإلتزام بدفع الرسوم الدراسية المقررة على الطلاب .. بحجة الفقر أو عدم المقدرة على ذلك .
ثالثا: إنصراف الطلاب أنفسهم عن التعليم و عدم رغبتهم فيه .. إنعكاسا منطقيا لمعاناتهم و واقعهم المرير .. و بدلا من الذهاب إلى المدرسة نجد أغلب الطلاب ينفقون ساعات تحصيلهم الدراسي داخل سوق السريحة بدلا عن قاعات الدرس . و هم في ذلك نوعان : نوع قد اتخذ من السوق مصدرا لرزقه و معيشته .. و الآخر قد وجد في السوق ملاذا آمنا للتسكع و قضاء اللحظات و الأوقات .
رابعا: الرفقة السيئة .. حيث أنّ هنالك كثير من الطلاب المتفوقين قد تأثروا بصحبتهم لرفقاء السوء مما انعكس سلبا على تحصيلهم العلمي .
خامسا: بعض الآباء غير مدرك لأهمية التعليم في الحياة .. فهو لا يلقي بالا لابنه إن تعلم أو لم يتعلم .. و هذا مرده لتفشي الأمية بين الآباء و الأمهات .
سادسا: عدم تهيئة البيئة التعليمية داخل الأسرة .
و لمكانة السريحة في نفوس أهلها و مريديها و لما نتمناه لها من مستقبل مشرق بإذن الله .. لا بدّ من تدارك الأمر و الإهتمام بأمر التعليم و وضع الحلول الناجعة لتلك العقبات التي تعوق مسيرة التعليم بالسريحة .. و على ضوء ما ذكرت من أسباب أسوق إليكم بعضا من الحلول .. أوردها فيما يلي :
أولا: الإهتمام بأمر المنشآت التعليمية بالسريحة .. حتى و إن دعى الأمر إلى تكاتف الجهود من أجل إعادة بنائها .. و كذلك الصيانة الدورية للمدارس و ترميمها .
ثانيا: أن يستشعر الآباء أهمية التعليم .. و أن يطوعوا المستحيل من أجل أبنائهم . و إذا كان هنالك عدم مقدرة حقيقية من قبل بعض الأسر الفقيرة على دفع الرسوم الدراسية المقررة على أبنائهم .. فهذا لا يعفي مجلس الآباء أو اللجنة الشعبية أو أية جهة أخرى من تحمل المسئولية كاملة تجاه أولئك الطلاب الذين لا ذنب لهم سوى أنهم ترعرعوا في بيئة فقيرة .. فإن أهملناهم كانوا عالة على مجتمعهم لا محالة .
ثالثا: حث الأبناء على أهمية التعليم و ترغيبهم فيه .. و توضيح دور التعليم في حياة الفرد و الإنسان .
رابعا: متابعة الأبناء متابعة دقيقة خارج المنزل .. و إبعادهم عن رفقاء السوء .
خامسا: توعية الآباء و الأمهات و فتح مراكز محو الأمية و عمل محاضرات تنويرية .. حتى يكونوا القدوة الحسنة لأبنائهم .
سادسا: حث الآباء و الأمهات على مراجعة و استذكار الدروس مع أبنائهم و تهيئة البيئة التعليمية داخل الأسرة .
ختاما أسأل الله الكريم أن يوفق جميع القائمين على أمر التعليم بالسريحة و أن يسدد خطى أبنائنا الطلاب .. حتى يكونوا مشاعل علم و معرفة تستنير بهم سريحتنا الحبيبة .. في قادمات الأيام و السنين .

هذا و الله وليّ التوفيق و القادر عليه ،،،،،،،،

تحياتي / أبو ســالم

والله يابوا سالم دائما يكون العتب على الطالب واولياء الأمور لماذا
ممكن تكون اسباب هروب الطالب من المدرسة وعدم رغبته في الدراسة السبب الأول المدرس
الذي يعطيه الحصة