[color=blue]حاطب ليل 11 د: البوني [/color]

«نحن في السودان نهوى أوطانا» هذه واحدة، أما الثانية «إن رحلنا بعيد نطرى خلانا»، أما الثالثة فإننا لحم راس في جغرافيتنا وفي اقتصادنا وفي ثقافتنا ولكننا رغم ذلك لدينا حالة مزاجية موحدة، عندما نقول حالة مزاجية نقصد تلك الحالة التي لا تخضع للمنطق والعقلانية انما هو موقف والسلام ولكنه في النهاية لا يستعصى على الاستبطان والتشريح وإليكم بعض الأمثلة، فنحن في السودان كلنا نحب الكورة البرازيلية ونموت في عشقها وإذا تبارت البرازيل مع أية دولة تجدنا منحازين لها على الأقل معظمنا لدرجة يخيل إليك معها لو ان البرازيل لعبت ضد السودان سوف تجد من يشجعها من السودانيين وتواتر هذا الامر معلوم لكل المشتغلين بالهم الرياضي، في منافسات كأس العالم لعام 1986م كان الشعب السوداني كله تقريباً متيماً وهائماً باللاعب الارجنتيني ماردونا فكانت صورته معلقة في كل مكان، قد نكون متفقين مع بقية العالم الثالث في حب البرازيل وماردونا وبالتالي يصبح هذا مزاجاً عالمياً ولكن طريقة التعبير عن هذا الحب في السودان تجعله مزاجاً سودانياً خالصاً، عندما كان النهائي الافريقي بين السنغال ومصر وقف معظم الشعب السوداني مع السنغال رغم قرب المسافة من مصر وبعدها من السنغال لا يعني إن الشعب السوداني يحب السنغال ويكره مصر «شعبان عبد الرحيم» بالمناسبة وهذا الشعبان له شعبية جارفة في السودان، فكل الذين يحبون مصر ودرسوا فيها ويقضون فيها إجازاتهم على استعداد للحرب إلى جانبها وقفوا مع السنغال لانها «المزاجية».. ودليل آخر كل السودان اليوم تقريباً يحب اللاعب أبو تريكة مثل حب المصريين له وإن كان في مصر يحبه الاهلاوية فقط.
وأخيراً جاء ولدنا -هو في غيرو؟؟ آآي اوباما فقد اظهر وحدة المزاج السوداني بصورة لم يسبق لها مثيل، عدم حب السودانيين لامريكا لا يحتاج إلى دليل فقد بدأه اليساريون والتقط القفاز منهم الاسلاميون فهذه التي تشكل الرأي العام، لدرجة ان شاعرنا الكبير صلاح أحمد ابراهيم قال إذا أردت ان تعرف الحق انظر اين تقف امريكا واتخذ الموقف المضاد لها «جنس كُجنة» ولكن رغم ذلك اهتم الشعب السوداني بالانتخابات الامريكية الاخيرة ووقف بمشاعره واعصابه مع اوباما لدرجة ان رسائل الموبايل بالتهنئة كانت تصل متأخرة دليلاً على ازدحام الشبكات. قد يقول قائل إن كل افريقيا والعالم الثالث كانوا يتمنون فوز اوباما فيصبح بذلك مزاجاً عالمياً ثالثياً أو افريقياً ولكننا نشير إلى ان حب اوباما طغى على الخلافات السياسية داخل السودان وطغى على التباين اللوني في السودان فالسمر والسود والحلب وأهل العوض والحناكيش والشماليون وناس قريعتي راحت والاغنياء لم يرحبوا فقط بفوز اوباما بل كانوا مهتمين بالأمر ومتابعين له واوصلهم إلى قناعة بأن الانتخابات في امريكا يا بلاش بلا 9002م بلا لمة.
إذن يا جماعة الخير هذه الوحدة المزاجية السودانية حتى ولو كانت جزءاً من مزاج عالمي ينبغي الترحيب بها وتثمينها لا بل والبناء عليها فهي على الأقل تثبت بأننا في السودان لسنا من النوع الذي لا تلمه «آدم وحواء» وإننا وجدانياً متقاربون وبالمناسبة الوحدة الوجدانية لبنة اساسية من لبنات الوحدة الوطنية لا بل الوطن يقوم على الحدود والمصالح الخارجية أما الأمم فهي تقوم على الدواخل والوجدان فلنعمل من أجل أمة موحدة من هذا المزاج الموحد.