حاطب ليل 12 د\ البوني

عندما فتحنا اعيننا على الاسواق، كانت اللحمة والخضار تحملان فيما يسمى بالقفة، وهي وعاء مصنوع صناعة يدوية من جريد النخل، اما الفواكه فتحمل في اكياس من الورق الخشن. وكانت قفة الملاح هذه مؤشراً للحالة المعيشية، فاذا قلت انك تريد «حق القفة» فانك تعني الحد الادني من المعيشة، وهناك ايضا «المشلعيب» وهو الآخر مصنوع من جريد النخيل ولديه حمالات للتعليق، ثم جاء علينا زمن غزت فيه الاسواق اكياس النايلون البلاستيكية التي حلت محل القفة وكيس الورق والمشلعيب. فكيس البلاستيك يحمل فيه اللحم والخضار واحيانا الفول واللبن وزيت السمسم وحاجات تانية حامياني «الاشارة هنا إلى الفرح المعبأ في الاكياس». كيس البلاستيك هذا خفيف الوزن قليل الثمن سريع الانتشار، فلم تكتظ به الاسواق فقط بل البيت والشارع والمسرح وكل الفضاءات الارضية.
بعد هذه الهجمة البلاستيكية ثبت لنا في السودان أن هذه الاكياس تضر بالبيئة والانسان والحيوان فانبرت ثلاث ولايات هي القضارف وبعدها الجزيرة «مالي نسيت التالتة» بمنع استعمال هذه الاكياس البلاستيكية، وفي الجزيرة تصل غرامة التاجر الذي يستعمل هذه الاكياس مبلغاً يعرضه للافلاس اذا كان التاجر صاحب كنتين صغير. وهناك ولايات اخرى في الطريق إلى منع «كيس النايلو والهوا شايلو».
والحال هكذا طلعت علينا وفيما يشبه الحملة شعبة الصناعات البلاستيكية باتحاد الغرف الصناعية مطالبة بوقف هذا «العبث الولائي» الذي افضى الى منع استعمال الاكياس البلاستيكية لان هذا يعرض اعضاء هذه الشعبة للافلاس، وفي رواية اخرى هددوا بنقل صناعتهم هذه الى تشاد «لا أدري لماذا تشاد بالتحديد» هل لانه لا توجد فيها تلك الصناعة؟؟ ام انهم يهددون بدارفور اخرى؟؟ الامر المؤكد ان مكافحة اكياس البلاستيك سوف تعرض اصحاب هذه الصناعة الى الافلاس وربما التعثر ودخول «الجك» وكثرة استعمال تلك الاكياس جعل صناعتها في السودان صناعة متقدمة ولديها مصانع كثيرة لان هذه الصناعة رابحة جداً وليس فيها اية مخاطرة، لان سوقها واسع جداً لدرجة انه وصل التمباك والطعمية والفول والتسالي والدكوة «والبتاع داك» مطالبة تلك الشعبة بوقف المكافحة امر لامكان له من الاعراب، فطالما ضررها اكبر من نفعها يجب أن تذهب غير مأسوف عليها. ولكن حسب علمي ان هناك بلاستيكاً لا يضر بالبيئة ولا الانسان ولا الحيوان ولا الزرع، وهذا النوع ينتهي ويتبخر بمجرد تعرضه لحرارة الشمس وهو مستعمل في كل الدنيا. فلماذا لا يلجأ إليه هؤلاء الصناع؟