حاطب ليل 15 د\البوني

لم يعد خبراً ان نقول إنه سوف ينعقد أو انعقد مؤتمر ما فالسودان قد بلغ الارقام القياسية في المؤتمرات وأصبح بين أي مؤتمر ومؤتمر مؤتمراً ثالث ولو كانت المؤتمرات تحل مشكلة لاصبحت بلادنا خالية حتى من الملاريا، هناك مؤتمر يجب ان لا ننساه وسط زحمة المؤتمرات وذلك هو مؤتمر الحوار الجنوبي/ الجنوبي فإن كان انعقاده في جوبا أبعده نسبياً عن عيون الكاميرات ولكن الذي رشح لنا منه يشي بأن هذا المؤتمر له ما قبله وله ما بعده فقد جاء في الأخبار ان اعضاء المؤتمر الوطني من الأخوة الجنوبيين قد احتجوا على استثنائهم الحكم من هذا المؤتمر لان المؤتمر الوطني شريك في حكم الجنوب وإن كان بنسبة قليلة فجاءهم الرد إن المؤتمر للاحزاب الجنوبية والمؤتمر الوطني ليس حزباً جنوبياً.. ومن جهة ثانية لم نلحظ وجوداً للشماليين في الحركة الشعبية في هذا المؤتمر. إذن هذا المؤتمر يصعب تكييفه بالمعايير الجغرافية ولا حتى بالمعايير السياسية -فالجنوبيون في المؤتمر الوطني مستثنون منه والشماليين في الحركة الشعبية -وهي اكبر حزب جنوبي إذا صنفت المؤتمر الوطني كحزب شمالي فقط -مستثنون منه. إذن الشغلانة حصرياً على الجنوبيين «الما تخرش منهم أي مية» وهذا بمناسبة زيارة الرئيس حسني مبارك لجوبا.
مراسل «الجزيرة» اسامة سيد احمد من داخل المؤتمر جاء في تقريره ان هتافاً صدر من المؤتمرين يقول «الجنوب للجنوبيين» وهذا على وزن السودان للسودانيين، ولكن هؤلاء الاخوة الهاتفون يجب ان لا يفوت عليهم ان الجنوب قد اصبح للجنوبيين مع بداية تطبيق نيفاشا لا بل لم ينفرد الجنوبيون بحكم الجنوب فحسب بل اصبحوا شركاء في حكم الشمال فبالتالي لا يعدو ذلك الهتاف إلا ان يكون اصراراً على فرز العيشة وقيام الدولة المستقلة. وقد لا ينتظر الامر الموعد المضروب في 1102م فشوية كركبة في الانتخابات أو اوكامبو أو تحريك لدارفور يمكن للجنوب ان يعلن الانفصال من جانب واحد.. هنا لا بد من التذكير بان اتفاقية 3591م الخاصة باستقلال السودان كانت تقول باجراء استفتاء لتقرير مصير السودان استقلالاً أم اتحاداً مع مصر ولكن عندما اتفقت الاحزاب السودانية على اعلان الاستقلال من داخل البرلمان استبعد الاستفتاء تلقائياً، عليه فإن اجتماع الاحزاب الجنوبية والهتاف بالجنوب للجنوبيين لم يكن اعتباطاً انما كان استدعاء لتجربة انفصال السودان عن مصر بكل ما فيها من دراما «ياربي كيف كانت مباحثات الرئىس مبارك مع القائد سلفاكير؟؟»
اغرب ما في ذلك المؤتمر انه نصح المؤتمر الوطني بقبول التعاون مع المحكمة الدولية فالمعلوم ان هذا الأمر من نقاط الخلاف بين المؤتمر والحركة واصبح من الأمور المسكوت عنها دفعاً للحرج فما هو السر الذي جعل هذه الاحزاب «تجيب سيرة البحر؟؟».
من مفارقات هذا المؤتمر ان القائد سلفاكير لم يحضر جلسة توصيات ملتقى أهل السودان إذ مكث مع المؤتمرين في جوبا وقيل ان هناك خطأ بروتوكولياً تسبب في غيابه، المهم انه قد كان على منصة تلك الجلسة بقاعة الصداقة مع البشير الصادق والميرغني وسوار الدهب فأصبح هذا الملتقى حواراً شمالياً/ شمالياً، عليه يمكن القول ان كانت جوبا قد شهدت حواراً جنوبياً جنوبياً مخططاً له فقد شهدت قاعة الصداقة لقاء شمالياً/ شمالياً على الاقل في المنصة. طيب يا جماعة تاني فضل شنو؟