حاطب ليل 17 د\البوني

في إجتماعه بقيادات العمل السياسي في ولاية شمال كردفان والذي انعقد بمدينة الابيض حاضرة الولاية في يوم الاربعاء 12/11/2008 طالب بعض الحضور بإنشاء محليات جديدة لا بل طالب بعضهم بولاية اضافية في كردفان فرد عليهم السيد رئيس الجمهورية بالتالي وبالنص: «انا ألاحظ مطالب حول انشاء ولايات ومحليات. واحدة من الاخطاء التي ارتكبناها انه كان لدينا تسع ولايات ولكننا وصلنا اليوم إلى ست وعشرين ولاية وبالتالي ست وعشرين حكومة وستة وعشرين مجلساً تشريعياً ونعترف بأن الهيكل الحكومي اصبح متضخماً وان هناك صرفاً ضخماً على الهياكل الحكومية ويجب ان نطالب بتنمية وخدمات اكثر بدلاً من المطالبة باشياء تسهم في زيادة الهياكل الادارية» إنتهى.. انظر صحيفة «اخبار اليوم» عدد 13/11/2008.. ونحن من جانبنا لا بد من ان نشكر سيادة الرئىس على هذا الكلام المهم والمفيد والخطير فإن تصدر من السيد رئيس الجمهورية عبارات مثل «اخطاء ارتكبناها» و«نعترف» أمر يدعو للإنتباه والتوقف، مجمل الحديث عن الترهل الاداري والتكلفة العالية والصرف على حساب التنمية قال به الناس غير السياسيين من اداريين وكتاب صحافيين واكاديميين قبل تطبيق الوضع الاداري الحالي. وما زلت اذكر تلك الندوة بقاعة الشارقة بجامعة الخرطوم التي دافع فيها الدكتور علي الحاج عن الوضع الحالي وقد ارتفعت التحذيرات من هذا الافراط في تقسيم الولايات، فلنتقدم خطوة إلى الامام ونفترض ان الذين خططوا ونفذوا التقسيم الولائي كانوا يهدفون إلى تقليص الظل الاداري وإلى تقريب السلطة من المواطن وإلى توسيع دائرة المشاركة، ولنقيم التجربة الآن من المؤكد إننا سوف نتفق جميعاً على إن التجربة لم تكن ناجحة وإن مردودها كان وبالاً على التجربة الفيدرالية وأن الجيوش «الجرارة» من الدستوريين والتنفيذيين ومخصصاتهم قد استنزفت البلاد وأرهقت العباد ويكفي ان نشير هنا إلى ان أية محلية على رأسها معتمد بمنصب وزير ولائي وحكومة مصغرة ومجلس تشريعي لديه رئيس وسكرتارية ويصرف على قيادة هذه المحلية مئات الملايين «قديمة» شهرياً كرواتب ومخصصات أخرى، هذه المحلية كانت من قبل مجلساً محلياً يديره ضابط اداري في الدرجة «B » ويركب سيارة هايلوكس «بقبين» واحد فقط وتجده أمامك إذا اندلعت «شكلة» حول قطعة أرض بين شقيقين.
المطلوب التفكير وبأعجل ما تيسر والرجوع إلى نظام التسعة اقاليم أو التسع ولايات سمها ما شئت والأمر المؤكد ان السياسيين لن يهضموا هذا الأمر بسهولة لأنه يعني تقليص الوظائف الدستورية فاتفاقية نيفاشا مرت على هذا الموضوع مرور الكرام وكذا «ابوجا» وكذا «الشرق» لأن الجميع اعينهم على هذه الوظائف الدستورية ذات المخصصات التي يسيل لها اللعاب وليزداد المهمشون تهميشاً طالما أن الوظائف للقيادات موجودة وبكثرة. على العموم إذا أرادت الحكومة الرجوع إلى الحق فستكون محتاجة إلى «DDR» جديد لأن تأهيل السياسيين واعادة دمجهم في المجتمع العادي ستكون مشكلة كبيرة .