حاطب ليل 18 د\البوني

قالوا الحجيج قطع
طالب نور البقع
قلبي زاد وجع
حماني القيد منع
وهذه من عيون شعر المديح النبوي في السودان وهي الحاج الماحي وهو من الرواد المجيدين لهذا الضرب من الابداع ولكننا نحن اليوم بصدد قاطع آخر للبحر الاحمر وهو الهدى السوداني وإن شئت الدقة وبعد التجريد من البعد الديني قل الخراف السودانية، والخراف كما هو معلوم من لوازم الحج نسبة للهدى ولعيد الاضحى المبارك، وكما قال الشيخ احمد عبد الرحيم البرعي الكبير «اليمني» «نحروا ضحاياهم فسالت دماؤها وانا المتيم قد نحرت فؤادي». فالخراف السودانية التي كانت سيدة الخراف في الهدى تعرضت في السنوات الاخيرة «لملطشة» شديدة لا بل خرجت من المنافسة نهائياً وحلت محلها الصومالية والاسترالية وهناك أسباب بيطرية وسياسية السودان ليس له يد فيها ولكن معظم الاسباب كانت بأيد سودانية، منها عدم اقامة المحاجر الكافية وعدم الالتزام بالضوابط التي تفرضها المملكة والاهم من ذلك الصراع الداخلي في السودان، وكلنا يذكر محاولات احتكار الهدى لشركة واحدة واخراج كل المصدرين من الشغلانة، شركة لا تعرف «كوع» الخروف من «ضنبه»، ثم محاولات احتكار الاستيراد لاحدى شركات الوليد بن طلال وكيف وعدت تلك الشركة باغراق كل الاسواق العربية بالخراف الحمرية السودانية وكيف انها ستطور البنيات التحتية للماشية السودانية، وكيف انها سوف «تدلعها» آخر «دلع» وكأنها صادرة إلى عرس «وكلو» طلع «كلام ساكت». لقد خسرت بلادنا سوقاً ما كان ينبغي ان تخسره واصبح اسهام صادر الثروة الحيوانية في الدخل القومي مخجلاً بعد أن كانت تحتل المرتبة الثانية وتمثل السودان في الكونفدرالية هذا طبعاً قبل عهد البترول.
اليوم وبحمد الله وتوفيقه تم الافساح للهدى السوداني بان يقطع «المالح» مع الحجيج فالاخبار التي لدينا نقول انه حتى منتصف نوفمبر الحالي وصل الصادر منها إلى احد عشر ألف رأس، وان هناك اكثر من ثمانية آلاف يفترض ان تكون قد وصلت بعدها بثلاثة ايام، وأن سبعين الف رأس قد اكتملت اجراءاتها وهي جاهزة لركوب السفينة، وان محاجر بورتسودان في حالة تأهب قصوى إدخالاً واستخراجاً -اي- تستقبل الخراف القادمة من الداخل وترسل الى البحر الاحمر «لك الحمد والشكر يارب العالمين» ولابد من الاشادة بكل الجهات التي حققت هذا النجاح من وزارة واتحاد رعاة واتحاد مصدرين وممولين ونتمنى أن لا تخرج الخراف السودانية من هذا الدوري الممتاز ولابد من الاستفادة من اخطاء الماضي «بلاش المطالبة بمحاسبة الذين اضاعوا على البلاد تلك الملايين «المميلنة من الدولارات» ولكن الاهم من ذلك لابد من الاهتمام بالمنتج الأولى -اي- الراعي صاحب الاغنام في بوادي السودان، لانه العمود الفقري لهذه العملية يجب أن يكون نصيبه خمسين في المائة على الاقل من السعر عند ميناء الوصول، فاذا ظل نصيبه بين العشرة والخمسة عشر في المائة كما كان سابقاً فسوف تخرج الخراف السودانية من المنافسة مرة أخرى، لان الظلم ظلمات، وحق المسكين بيخنق الذي يأكله.