الصين: الأقربون أولى بالإنقاذ

يبدو أن المشاغل الداخلية الصينية قد غلبت على طموحاتها للاضطلاع بدور بارز على مسرح الأحداث الدولية ومطالب العمل بنظام مالي عالمي جديد.
فبينما تتطلع الصين لممارسة المزيد من النفوذ في صنع القرار في المنظمات المالية العالمية التي ستنبثق عن الأزمة الراهنة، نراها في الوقت نفسه تسلط أولوياتها على تنشيط اقتصادياتها المحلية وتقويتها. من هذا المنطلق استبقت الحكومة الصينية قمة واشنطن المالية في 15 نوفمبر الجاري، باعتماد تدابير مالية تهدف إلى دفع عجلة الاقتصاد المحلي، فقررت تخصيص نحو 600 مليار دولار حتى عام 2010، لتنشيط الطلب المحلي ومواجهة تداعيات انخفاض الصادرات. وتعتزم حكومة الصين من خلال ذلك التركيز على الاستثمار في بناء المطارات والطرق وتحديث السكك الحديدية، مع خفض الضرائب وربما نسب الفوائد أيضاً.
وقد تزامنت التدابير التي اعتمدتها مع الضغوط التي تمارس عليها للقيام بدور أكبر في مساعي البحث عن حلول لعدم الاستقرار المالي الراهن في العالم.
فقد طولبت الصين، التي ترتكز على احتياطي من العملات الصعبة يقارب تريليونين من الدولارات، باستخدام جزء من ثرواتها للتصدي للزوبعة المالية وتفادي تفاقمها. وناشد رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون، الصين ودول الخليج الغنية تمويل زيادة ضخمة في صندوق الـ250 مليار دولار المخصص لدى صندوق النقد الدولي لمساعدة البلدان التي تحتاجها. وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إنه يريد للقوى الاقتصادية الناشئة: الصين والهند، أن تحظى بمزيد من النفوذ في صنع القرار على الصعيد العالمي، والمساعدة على إعادة تصميم التركيبة المالية العالمية.
لكن الخبراء يحذرون من أن الثمن الذي تطالب الصين بدفعه مقابل ارتقاء مركزها على القائمة المالية العالمية، هو ثمن باهظ في حالة التباطؤ الاقتصادي الراهن. فصرح جي لووزي، الخبير في العلاقات الدولية: "الصين تحتاج إلى النظر بعناية فيما إذا كانت مقايضة النفوذ مقابل المال تستحق المجازفة في الأوضاع الحالية". واعتبر زانغ وينكوي، من مركز مجلس الدولة لبحوث التنمية، أن التحديات الداخلية الصينية تفوق بكثير الأضرار الممكنة الناتجة عن بطء الطلب الخارجي على المنتجات الصينية. وتوقع محافظ المصرف المركزي الصيني زو شياوان أن ينمو ناتـج بلاده القومي بنسبة 8 – 9٪ عام 2009. هذه النسبة هي أدنى معدل للنمو الاقتصادي الصيني في خمس سنوات، علماً بأن بكين تشعر بالقلق من أن يتسبب انخفاض معدل النمو لنسبة 8٪ أو دونها في عدم القدرة على خلق وظائف كافية، مما قد يؤدي إلى قلاقل اجتماعية هامة.
تشير البيانات الاقتصادية إلى أن الانخفاض الحاد الذي سجله الطلب على المنتجات الصينية قد تسبب في إفلاس العديد من المصانع في المراكز الصناعية شرقي البلاد وجنوبها ، وأدى ذلك إلى فقدان عشرات الآلاف من العمال المهاجرين، كما توقفت مشروعات البناء في المدن. "آي بي أس"

للإيضاح:

تـيـرا (tera) هي مليون مليون (¹²10).