حاطب ليل احترس ابقا ر تعبر د\ البوني

للممثل السوري الكبير دريد لحام مسرحية باسم «الحدود» ينتقد فيها الحدود بين الدول العربية نقداً لاذعاً وإن لم تخني الذاكرة يورد في المسرحية مشهداً لاغنام تعبر الحدود بين دولتين عربيتين بينما يمنع رعاتها من العبور لانهم لا يحملون تأشيرات دخول الأمر الذي يضطر الرعاة للتنكر في شكل أغنام فيضعون جلوداً على ظهورهم ويمشون على أربعة حتى يتمكنوا من العبور مع أغنامهم.
مناسبة هذه الرمية هي ما تمخص عنه اجتماع قبيلتي الدينكا والمسيرية في الاسبوع المنصرم من التوقيع على وثيقة اتفاق تقضي بالسماح لابقار المسيرية بالعبور إلى جنوب السودان وفق ترتيبات محددة يشارك زعماء الادارة الأهلية في القبيلتين وبموجب هذه الاتفاقية يحق لرعاة المسيرية الاستفادة من مراعي ومياه توجد في شمال بحر الغزال شريطة تحديد موعد لدخول الرعاة وخروجهم في كل عام ويجب ان لا يحمل الرعاة أي سلاح ناري وتقوم سلطات ولاية شمال بحر الغزال بحماية المسارات اثناء حركة الرعي ويقوم شيوخ القبيلتين بحفظ الأمن وتطبيق القانون بواسطة محاكم مشتركة تنظر في قضايا الاعتداءات والسرقات. أ.هـ .
من حيث المبدأ لا بد من الترحيب بأي شكل من اشكال التنظيم ولا شك إن هذه الاتفاقية هي احسن ما يمكن الوصول إليه طالما إنه جلس لها المواطنون على الجمرة من أهالي منطقة التماس تلك فهذا يعني إنها اتفاقية ليست فوقية وليست مفروضة من الدولة ولا نيفاشا ولا ابوجا ولا اسمرا ولا الدوحة إنما هي اتفاقية قاعدية، ولكن رغم هذا لا بد للنظر للمسألة من زاوية أخرى فهذه الاتفاقية تعني ان ابقار المسيرية اصبحت محتاجة إلى تأشيرة دخول للجنوب قد تكون تأشيرة جماعية ولكن لا بد منها بدليل تحديد اوقات الدخول والخروج ولا ندري ان كانت هناك شروط جزائية تطبق في حالة تأخر الخروج لان المسألة مرتبطة بهطول الأمطار «والمطر عند ربنا» كما ان تجريد الرعاة من السلاح الناري قد يعرضهم للخطر من جهات قد تكون متربصة بالعلاقة بين القبيلتين وبالتالي العلاقة بين الشمال والجنوب. ولكن دعونا نتفاءل ونظن ان الاعراف المحلية سوف تتلافى كل الثغرات ونتساءل ماذا لو اختار الاخوة الجنوبيين الانفصال بعد الاستفتاء ويأتي حاكماً لشمال بحر الغزال ويلغي هذه الوثيقة؟؟ قد يفشل هذا الحاكم المرتقب في منع حركة الأبقار لان ابقار الدينكا والمسيرية متشابهة ولكنه قد يمنع الرعاة لانهم لا يملكون تأشيرة دخول ففي هذه الحالة لا بد من استدعاء فكرة دريد لحام ويركب الرعاة قروناً طويلة وجلود ماشية، فتصبح فكرة دريد الخيالية امراً واقعاً ليس بين قطرين متجاورين فحسب بل بين قطرين كانا قطراً واحداً.. فيا جماعة الخير إن كل ما يجري في بلادنا الآن يمهد للانفصال القادم، عليه يصبح أي حديث عن وحدة جاذبة أو وحدة طاردة «كلام ساكت» وربنا يكضب الشينة.

اا