حاطب ليل ام شوايل تااااني د\ البوني

قصة ام شوايل ولمن فاتهم الاستماع تتلخص في أن هذه الطفلة ذات الثلاثة عشرة حجة كانت ترعى اغنام والدها في بادية سودري فتسربت منها اربعة من الشياه فغضب والدها وخيرها بين الموت او الرمي في بئر مهجورة فاختارت الثانية وأمضت في البئر اربعين يوما وسط الشوك بين الثعابين والعقارب إلى أن قيض الله احد الفرسان فانقذها وقالت إنها كانت تعيش على لبن ابل ياتيه بها رجل في ملابس بيضاء. وام شوايل الآن تتعافى في الخرطوم وقد عرض التلفزيون قصتها في فقرة من فقرات النشرة الرئيسية وفيما بعد ذهبت إليها كاميرا برنامج دنيا التألق وقدمتها لكل الشعب السوداني بصورة موسعة.
لقد اصبحت قصة ام شوايل قضية رأي عام وبعد نشرنا لها هنا انهالت علينا المداخلات من السادة القراء وقد كانت المداخلات تتراوح بين الاندهاش والاستغراب والاستهجان والتشكيك في بعض الجزئيات خاصة حكاية الاربعين يوماً واللبن والرجل ذى الملابس البيضاء ولكن مهما يكن من أمر فان الوقائع الاساسية لا خلاف عليها. فالبنت تسببت في ضياع الشياه عقوبتها كانت الرمي في البئر. والدها معتقل الآن. الرجل الذي انقذها ظهر في التلفزيون. ام شوايل الآن تتعافى مع حبوبتها. الاطباء الذين اشرفوا على علاجها حدثونا عن علاجهم لها. عليه ينبغي أن تتجه القضية إلى حيث أخذ الدروس والعبر منها، ولنبدأ هنا بثقافة الرعاة وعنف البادية. فالمعروف إن هؤلاء الرعاة يفضلون «سعيتهم» على النفس البشرية ومازلت اذكر قصة ذلك «الأبالي» وهذه من الابل والذي جاء إلى قريتنا ويومها كنت طفلاً فقيل له إذا فعلت كذا سوف تموت فقال «مات الابل امات رقاب خلي لمن انا» اي ماتت الابل ذات الرقاب فما بالك بي انا» بعبارة ثالثة ان الابل أهم منه هو الانسان لذلك ينبغي أن يفهم تصرف والد ام شوايل في اطار الثقافة التي يعيش فيها، كذلك مكانة المرأة لدى هؤلاء الرعاة لا تحتاج معرفتها الى درس عصر، ففي قصة ام شوايل يجتمع عنف البادية مع عنف الآباء مع العنف ضد المرأة ولعلنا لا نبعد النجعة اذا قلنا إن ثقافة الرعاة هي المسئول الأول عما يجري في دارفور وبالتالي يجب أن نسعى لدراسة ثقافة البادية وثقافة الرعاة فاذا أردنا التخلص من مشاكل الكثير من الجهات في السودان يجب أن نعمل على استقرار الرعاة فحياة الترحال لامدنية معها ولا تطور ولاعمران ولا سلام فيها.
قبل اسبوعين صدرت قائمة بأهم نساء العالم لعام 8002م وكانت من ضمنهن طفلة يمنية عمرها عشر سنوات تم تزويجها قسراً لرجل كبير فقاومت إلى أن طلقت منه وفي تقديري أن قصة ام شوايل اكثر اثارة، ففيها يتجلى العنف في أبشع صوره والاهم من ذلك ارادة الحياة لدى أم شوايل كانت في منتهى القوة، فبالتالي يمكن ان تكون من نساء العالم المشهورات وهذا سوف يجلب لها خيراً كثيراً. وهناك الكثير من الدروس والعبر في قصة ام شوايل ولكن وكما قلنا من قبل «نحن كسلانين».
كسرة:
سألني أحد الاصدقاء عن العنوان السابق لهذا الموضوع والذي كان «يا ام شوايل قودي الرسن» فقلت له إنه مأخوذ من قصيدة عبيد عبد النور «يا أم ضفائر قودي الرسن» ونتمنى ان تقود قصة ام شوايل رسن الوعي في السودان.