حاطب ليل الفول فولي د\البوني

شالفول السوداني اسم عالمى رغم ان السودان ليس المنتج الأول له في العالم، وكان يمكن ان يكون السودان فيه «البرنجي» على مستوى العالم، هذا الفول يدخل في كثير من الصناعات الغذائية وأذكر ان أحد المغتربين قد جاءني بدراسة عميقة توضح امكانية الصناعات الغذائية البسيطة التى يمكن ان تقوم على الفول السوداني، بسيطة من حيث التكلفة، عظيمة من حيث الفائدة، وقد نشرتها في هذه الصحيفة واتصل صاحبها بالكثير من الجهات المعنية، قطاع خاص وقطاع عام وبعد ثلاثة أشهر جاءني مودعاً وراجعاً الى غربته متأسفاً على الوقت الذى أضاعه في الجري بين المكاتب وكأنه كان يؤذن في مالطا «يا ربى مالطا دي ما لها؟؟».
في هذه الأيام يلاحظ الذين يتجولون في اسواق العاصمة الفول السوداني المعبأ في أكياس النايلون الخفيفة تحمله الفتيات اللائى يبيعن الدكوة والتسالي وعيش الريف «الذرة الشامية». وثمن الكيس الف جنيه «قديم» وكل المجهود المبذول فيه انه تم تنظيفه بالغسيل ثم يوضع في قدر كبير ويغلى بالماء ويصب فيه القليل من ملح الطعام ثم يوضع في الكيس ويقوم المشتري بعملية التقشير بنفسه والاقبال عليه كبير جداً لأنه صحي ولم تتدخل فيه يد الصانع كثيراً وكل الذى تعرض له هو النظافة والغلي والتعبئة كما انه في غاية اللذة وينفع «تصبيرة» أو «سندة» ممتازة وعند الضرورة يمكن ان يحل محل الوجبة.
اذا قمنا بعملية حسابية بسيطة يمكن ان نصل الى نتائج مذهلة فجوال الفول «المدراه» يمكن ان يعطينا على الاقل مائتين وخمسين كيساً أما جوال «الواطة» يمكن ان يعطينا خمسمائة كيس «أها قمنا على اللكلكة!! المدراه هو الذى تم حصده بصورة عادية اما «الواطة» فهو الفول الذى يبقى في الارض بعد عملية «القلع» وحبته ناجمة ويجمع بالحبة لذلك يكون نظيفاً وكبير الفولة وسعره اكثر من ضعف الذى يحصده بالمدراه اي التعرض للهواء لفرز الحبوب من العروش والصفق - نأسف للذين من غير المناطق التى تتعاطى زراعة الفول السوداني - المهم في الأمر ان جوال الفول الذى ينتج مائتين وخمسين كيساً على الأقل لا يشترى من المزارع بأكثر من ثلاثين ألف جنيه على أحسن تقدير، وفرق السعر الكبير هذا يعود للوسيط وبائعة الأكياس ولكن الكمية المباعة من هذا الفول «المسلوق» كمية بسيطة لا يمكن ان يعتد بها وبالتالى لن تؤثر على اجمالي أسعار الفول، ولكن لو قامت الدولة بتشجيع هذه الصناعة اليدوية البسيطة سوف تتغير الأوضاع تغيراً كبيراً، فلو أوقفت كشة الصبيات اللائى يبعن هذا الفول فقط فإن تجارته سوف تزدهر لو كانت الدولة تشجع المبادرات بعدم الرسوم وعدم التصاديق الكثيرة لقام احدهم بإحضار «حلة بوش» كبيرة واخذ يسلق في الفول ويبيع في السوق العربي ولقام آخر بسلقه وتغليفه غلافاً جاذباً وتوزيعه على البقالات في الأحياء وفي هذه الحالة سيصل سعر جوال الفول من عند المزارع الى مائة وخمسين الف، قول مائة، قول خمسين برضو ما بطال ولقل استهلاك البسكويت والكيك وكل «الصبارات» التى تدخل فيها عناصر مستوردة ولغنى المزارع مع الدجاجة الصغيرة الحمراء قائلاً: «الفول فولي زرعته وحدى وحصدته وحدى وسأبيعه وحدي».