مطلوب عروس مغتربه\الاستاذه مني ابوذيد

في العقد الأخير من القرن الماضي برز على سطح المفاضلة في أشواق البنات نحو العريس المنتظر مغترب من نوع جديد .. مغترب قادم من الأصقاع البعيدة .. يحمل بعض ملامحها الفاتنة وبعدها الحضاري الآسر ! ..
عريس (لقطة) جديد أدخل على المجتمع السوداني (مفهوم الهجرة) .. فهو مغترب يقف على تخوم الهجرة الثقافية و الاجتماعية و الذوبان في نسيج اجتماعي آخر .. وهو في ذات الوقت مهاجر لم يحرق مراكبه .. ولم يختر بلاد الهجرة شاطئاً أبدياً ..
لم يفعل بدليل أنه يعود إلى الوطن في فترات منتظمة أو متباعدة .. حتى وإن كان يحمل جنسية أخرى .. حتى وإن كان لا ينوي الاستقرار في الوطن .. ومربط الفرس أنه يعود باحثاً عن (عروس محلية) يحملها معه إلى تلك المجاهل الفاتنة .. زوجة مناسبة تحسن مشاركته الوقوف على تخوم هجرته المغرية ! ..
(تأصيل) أشواق الفتاة نحو العريس المغترب الواقف على تخوم الهجرة عززت منه منعطفات كثيرة طرأت على المجتمع السوداني كانت انعكاساً شرطياً مباشراً لمتغيرات سياسية وهزات اقتصادية عنيفة ! ..
فكان لا بد أن تتراجع فكرة استجداء العريس المغترب للعودة وأخذ حبيبته على (طيارة بيضاء) .. وكان لا بد أن يحدث الإحلال الملائم : الإقدام والسعي نحو العريس المهاجر .. أن تمارس الفتاة انتظارها التاريخي بطريقة أكثر عملية Sad

بهاجر ليك أنا في المحل .. محل الطير الهاجر رحل .. إنت من هنا ولا من زحل) ! ..
بتأصُّل فكرة الاغتراب الواقف على أعتاب الهجرة تحررت الأغنية من رمزية المكان و تحول الحبيب /العريس (أو الزواج) نفسه إلى وطن .. و تطورت مفردات مستسلمة كـ (نادوني حنوني) إلى (بهاجر ليك عشان ارتاح) .. (نسكن لندن عمارات فوق) ! ..
ثم دارت عجلة الزمن و تحققت أحلام فتيات الأمس الطامحات إلى (عريس مغترب) .. والمتشرطات في نوعية ولونية الغربة : (خليج .. أمريكا .. أوروبا .. إلخ) و أصبحن أمهات مغتربات لبنات مغتربات حكمت عليهن غربة أهلهن بالسجن داخل أسوار (الغربة المركبة) ! ..
السجن داخل أسوار مجتمعات الخليج والخضوع لأحكامها الصارمة .. أو الحبس الانفرادي داخل معتقل المجتمعات الأجنبية في أمريكا وأوروبا و غيرهما .. و الإذعان لشروطها المغايرة ! ..
وإن كان شبح العنوسة الذي قد أرعب أمهات هاته الفتيات المغتربات بالأمس، فهو اليوم يمسك بخناق بناتهن اللاتي باتت لهن أشواقهن الموازية/ المغايرة بشأن (العريس المنتظر) .. تلك الأشواق التي تصطدم في الغالب بأعراف أهلهن القاصرة عن مجاراة تطور نظرة بعضهن .. أو الرافضة لمجمل نظرة بعضهن الآخر ! ..
وهكذا تفاقمت العنوسة التي كانت شبحاً تتوارى عنه أمهاتهن بالأمس وتبثثن مخاوفهن منه عبر كلمات الأغنيات إلى مصير (شبه محتوم) ينتظرهن .. إما لضيق الخيارات القريبة أمام مغتربات الخليج منهن .. أو لانعدامها تقريباً أمام المهاجرات ! ..
الأمر الذي أعاد أمجاد (العريس المحلي) و رفع من قيمة سهمه .. فهو وبعد أن كان مصدر عزوف عند المحليات التواقات إلى عريس مهاجر، أصبح اليوم محل أشواق المغتربات الباحثات عن عريس ينتمي إلى ذات النسيج الاجتماعي ! ..
و هكذا عاد العريس المحلي (عزيز القوم الذي أذله الوافد المغترب) ـ عاد ـ إلى مكانته المرموقة في (سوق العرض) بعد أن كثر عليه الطلب .. طلب (العروس المغتربة) بنت المغترب !