حاطب ليل «جزمة» مرتدة د\البوني

كرة القدم كنشاط انساني ظلت دوماً متقدمة على السياسة من حيث الممارسة ومن حيث المفاهيم ومن حيث المصطلحات وهذا أمر بدهي، فكرة القدم تقوم على الوضوح إذ يجرى التنافس على ميدان مفتوح امام الاعين وامام الكاميرات وملابسات النصر والهزيمة واضحة للعيان، بينما السياسة تدار من خلف الكواليس ولا تظهر إلا آثارها. من المصطلحات التي تقدمت بها كرة القدم على السياسة مصطلح احترام الخصم.. فلكي تهزم خصمك لا بد ان تحترمه واي استهتار به سوف ينزلك الى منزلة الهزيمة وليت كل السياسيين خاصة الامريكان يحترمون خصومهم. ومن مصطلحات كرة القدم الطاغية هذه الأيام مصطلح الحلول الفردية فعندما تتوازن القوة بين الفريقين المتنافسين ويغلق كل فريق المساحات امام الفريق الآخر ويصعب الوصول للمرمى بكرة ممرحلة لا تأتي الاهداف إلا بالحلول الفردية كاستغلال اخطاء المدافعين أو حارس المرمي أو التصويب من مكان بعيد أو استعمال اليد بعيداً عن عين الحكم كما فعل ماردونا أو أي شكل آخر من اشكال الخديعة وهذا ما يجيده الهدافون الذين وصل سعرهم إلى ملايين الملايين من الدولارات.

ما قام به منتظر الزيدي يدخل في باب الحلول الفردية إذ احرز هدفاً في مرمى السياسة الامريكية التي يحرس مرماها البوش، لم يخطر على بال، هدف لم يغير نتيجة الرحلة بل غير كل اوضاع المنافسة الدولية، هدف ملعوب لعباً فردياً وليس ضربة جزاء إذ استخدم منتظر الحدّ الاقصى من حرية التعبير التي تبدأ بالكتابة الى الخطابة الى التظاهر الى الرمي بالبيض والطماطم والبطاطس الفاسدة الى القذف بالجزمة وهذه آخر مرحلة لحرية التعبير فلو تحرك بعدها منتظر نحو بوش محاولاً الاشتباك معه او استل آلة حادة او امسك بمسدس فسوف يدخل في خانة الارهابيين ويطيش منه الهدف وتحسب عليه ضربة جزاء وكرتاً احمر كما فعل الاسلامبولي للرئيس السادات رحمه الله، فالاسلامبولي قام بحل فردي ولكنه كان على حساب وجوده في الدنيا.. فمنتظر شيوعي شيعي والاسلامبولي سني اخواني، فالاول أقرب الى المدرسة البرازيلية والثاني اقرب الى المدرسة الالمانية مدرسة الماكينات في كرة القدم.

اليانكي ليس غبياً انما هو اقرب للحاوي في الخداع والتمويه فقد امتص الهجمة الزيدية وما احدثته من دوي في العالم كله وبدأ الآن في الهجمة المرتدة فمثلما دفع الثمن غالياً بدأ التحضير لاستعادة هيبته ليس لاحراز هدف التعادل فحسب بل لكسب نتيجة كل المباراة، والحق يقال ان بوش نفسه قد بدأ الهجمة المرتدة فبعد ان «زاغ» من الجزمة الطائرة حول الامر إلى طرفة بأن قال ان الحذاء نفس مقاسه «44» وأردف بأن هذا ثمن الحرية أي ان منتظر ما كان سيفعل هذا لو كان امامه صدام حسين. صحيفة «الشرق الاوسط» وهي الصحيفة العربية الوحيدة التي وقفت عليها وهي تهاجم منتظر وتستنكر فعلته على لسان رئيس تحريرها طارق الحميد. هذه الصحيفة نسبت تصريحاً إلى شقيق منتظر الاصغر ميئم قال فيه انه واسرته لا يشعرون بأي خوف وان ما فعله شقيقه لو كان في عهد صدام لراحت الأسرة كلها في خبر كان. نحن في السودان نحمد لـ «الشرق الاوسط» انها لم تربط ما فعله منتظر بما قاله الرئيس البشير في خطبة جماهيرية في البطانة من ان الدول الغربية الثلاث الكبرى تحت جزمته فـ (الشرق الاوسط) وعلى لسان عبد الرحمن الراشد هي الصحيفة الوحيدة التي توقفت عند قول البشير وبطريقتها المعروفة.

وتتواصل الهجمة المرتدة في التندر الغربي من التاجر السعودي الذي عرض شراء الحذاء بعشرة ملايين وهي كفيلة بانشاء مصنع احذية كامل الدسم فبدأت الرسوم الكاركاتيرية التي تسخر من العرب في تعظيم هذا الحذاء، وتلامس الهجمة المرتدة خط المرمي عندما يقولون ان كل الشغلانة مؤامرة امريكية ضحيتها بوش نفسه ومنتظر ذاته ويعلمها المالكي الهدف منها تغطية الاتفاقية الامنية الامريكية العراقية والتي بموجبها سوف يصبح العراق الولاية الامريكية رقم «53».