حسـد مهـني ... مقال منقول

كان ذلك قبل ثلاث سنوات وأكثر..صديقنا يوسف ادريس، ذلك الشاب النضير، بهي الطلعة ،وسيم القسمات، منذ المرحلة المتوسطة اختار لنفسه طريق التصوف ، والتزم مسجد الشيخ العارف بالله يوسف ود بقوي بحي المزاد بمدينة المناقل- العامرة بالخير- كان يعمر حلقات القرءان ويؤم المصلين.. وظل موصولاً بسراء المدينة وضرائها، حتى أُطلق عليه صفة (شيخ يوسف) وهو في مستهل العشرينات.

وبعد سنتين من تخرجه في الجامعة، شحبت ملامح (يوسف) وهزل جسده.. وكانت المفاجأة التي هزت مدينة المناقل، ان هذا الشاب الذى ظل في نشاطه اليومي محط إعجاب الكبار وقدوة الشباب وفارس أحلام الحسان.. قد أصيب بفشل كلوي ضمرت على اثره كليتاه..!

دخل يوسف في معاناة الغسيل الدموي.. وظل البحث داخل الاسرة عن (كلية مماثلة).. تعيد للشاب حيويته ونضاره..!

فشلت المساعي . وفي سابقة نادرة تقاطرت وفود شباب أحياء المناقل على مستشفى ود مدني، تتنافس. مَنْ منهم يُحظى بأن تذهب احدى كليتيه لجسد (شيخ يوسف).؟!

كانت نسب المطابقة في الانسجة قليلة..زاد القلق . وقتها جاء اسم دكتور كمال أبو سن .. وبحكم صداقتي (ليوسف).. كان علىّ ان أجد طريقاً لهذا النطاسي الذي سارت باسمه الركبان.كان خياري استاذي الفاضل أحمد البلال الطيب، الذي سبق أن استضاف دكتور ابو سن في برنامج (في الواجهة)..البلال اهتم بالأمر واتصل بأبو سن في لندن. وعندما قدم للسودان ذهبنا اليه أنا وشيخ يوسف معنا الاوراق والفحوصات.

دقائق ثم ساعات كان قرار ابوسن اجراء العملية في ايام معدودة من زيارته للسودان وذلك دون مقابل مادي..!

تعرفت على الرجل على المستوى الشخصي. بهرني تواضعه وحسه الاجتماعي الرفيع..!

تمت عملية (شيخ يوسف) بنجاح تام. رغم ضآلة نسبة تطابق الانسجة بينه وشقيقته (غنيتي)..!

وعاد ( يوسف) الى نشاطه الحيوي في مساجد ومحافل المناقل وأحزانها. و قد أفلح مع آخرين في تشييد مستشفى خاص بغسيل الكلى بغرب الجزيرة..!

المناسبة التي ارجعتني لذكر ذلك، الأخبار التى نقلت ان قراراً قد صدر بمنع دكتور كمال ابو سن من اجراء عمليات نقل كلى بمستشفى الخرطوم الجنوبي، وان جهات طبية طلبت من دكتور كمال ان يطلعها على سيرته الذاتية للتأكد من كفاءته..وهو الرجل الذي أجرى أكثر من (400) عملية نقل كلى بالسودان، اغلبها غير مدفوع الثمن. وهو أول من اجرى عمليات نقل كلى للاطفال في السودان والامارات. وهوالاستشاري الذي تشهد على كفاءته مستشفيات انجلترا وفرنسا وهولندا. وهو الحائز على وسام ابن السودان البار..!

والمفارقة المؤلمة .. التي لا يمكن ان تحدث إلاّ في السودان أن من طلب التحقق (من كفاءة..؟!).. دكتور كمال، هم تلاميذه الذين تعلموا (الزراعة) على يديه ..وعندما اشتد ساعدهم، قرروا ان يبنوا مجداً وثروة، برمي (معلمهم) بالاستفزازات. التي لم يقابلها الطبيب الانسان الشفيف سوى بالدموع والحسرة على قيمة الوفاء، التي تشهد أسوأ محاولات الفتك بها..!

دكتور كمال سوداني، بسيط، تربى في قناطر الجزيرة، شرب من مياه (ترعها) العاكرة.. والداه أميان. لم يعرفا القراءة والكتابة ولكنهما عرفا أهميتها، فكانت نجابة الابناء على ضوء «حبوبة ونسيني»..!

كمال، صاحب (الكلية الواحدة).. قال لي في يوم، إن مهارة الجراحة، انتقلت اليه عبر (الجينات) من والده، الذي كان بارعاً في النجارة والتعامل مع الاخشاب..!

الجراحون الذين عملوا معه داخل السودان وخارجه قالوا انهم لم يشاهدوا في حياتهم المهنية جراحاً يتعامل مع المشرط والمقص بمهارة وابداعية ابوسن...!

ولكن في السودان قد تعلو المصلحة على القيم، والحسد على المعرفة. وقد يحتاج ضوء الشمس الى دليل، وطعم الماء الى برهان..!

تبت يد السوق

حينما تساوم بالغد الآتي

بقايا ضمير محترق..

في زيارتي الاخيرة الى مصر وفي أحد مقاهي القاهرة قال لي صحافي مصري يعمل بصحيفة الاسبوع : (مشكلتكم في السودان انكم تختلفون على البدهيات والمسلمات، وتتحركون بلا ثوابت..لذلك يستحيل اتفاقكم على شئ أو إلتقائكم على فكرة)..!

جزاك الله خيرا يا شيخ هدهد علي هذا النقل ، ولعلك مثلي تموت أسفا علي حالنا في السودان ، وماذا يجدي لو متنا كمدا أو أسفا ، أعتقد أن الحال لا يتبدل إلا بحراك جماعي إجتماعي ، حيث أن مثل هذه الإمور يجب ألا يسكت عليها و لو تصل إلي السيد رئيس الجمهورية ، لأنها في مقام غاية من الأهمية ‘ فدكتور مثل أبوسن قد ملأت سمعته الأطباق ، وقد نال من الأوسمة و الإنجازات ما لا يخفي ، فكيف يعامل بمثل هذه المعاملة التي نعتقد أنها مهينة لمن هو أقل منه كفاءة في مجاله ، فكيف يعاملها به وهو من هو ولعل مقال الحاج عبداللطيف نقلا عن الأستاذة مني أبوزيد فيه كفاية و بيان لإنجازاته و مهنيته العالية و كفاءته التي لا يشك فيها إلا من جهله و جهل قدره و قديما قيل ( الما بعرفك بجهلك ) فهل أطبائنا الأفاضل لم يعلموا من هو الدكتور كمال أبو سن أم هل جهلوا عمله الإنساني و الخيري الذي نسأل الله عز وجل أن يسجله له في سجل حسناته ، في إعتقادي لو كان الدكتور كمال من جنسية غير سودانية لرشح لمنصب رئاسة الجمهورية !! أخشي ما أخشاه أن يعرف من يعرف الدكتور كمال أبوسن ومن يعرف أهميته بهذه المعاملة السيئة ويساوموه علي تغييييييييير الجنسية ، وقد يكون مع الدكتور الحق الكبير في ذلك إذا كانت بلده و أصله و مكان مسقط رأسه تعامله هذه المعاملة ، آخيرا أجد نفسي آسفا متوافق مع جملتين في هذا المقال وهما :

اقتباس :

[size=12]

اقتباس :

[/size]

الدكتور / كمال أبو سن

رجل غنيُ عن التعريف ، وقـد برع بتوفيق الله له في مجال تخصصه العلمي ، و قد قدم خدمات جليلة لمرضى الفشل الكلوي في السودان ، و قد بث التلفزيون السوداني فيما مضى العديد من الحلقات التي إستضاف فيها الدكتور / كمال أبوسن ، و قد لاقت هـذه الحلقات إستحساناً و تجاوباً منقطع النظير من كآفة قطاعات و أطياف الشعب السوداني فيما يشبه الإجماع بل هـو في الحقيقة إجماع ، ( و الإجماع في الشعب السوداني شيئ عسير و عسير جداً ) ، كان مدار الإجماع على أن الرجل دكتور و طبيب وجراح ماهر من الطراز الرفيع ، قليل النظير ، و قبل هـذا و ذاك : كان الرجل إنساناً بكل ما تحمله هـذه الكلمة من معنى : في تعامله مع المرضى و في تعامله مع منهم في حاجة للمساعدة من المحتاجين .
لذلك كانت دهـشتي كبيرة عندما قرأت المقال و كان حزني أكبر على أن أهم قطاع في السودان و هـو قطاع الصحة يحدث فيه مثل هـذا ...... لا حولة و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ،،، و حسبنا الله و نعم الوكيل .

في اعتقادي الشخصي إنو المسألة ما مسألة كفاءة ، وكما هو في المقال هم تلاميذه ، يعني هم على علم تام بأنه جراح من طراز نادر .
المسألة مادية بحتة ، يعني الدكاترة بتاعين الكلى ديل يشتغلوا كيف في مكان فيهو دكتور أبو سن وكمان يعمل العملية مجانا ، يعني بالواضح كدا الراجل دا قطع عيشهم .

الأخ / ريال مدريد

هـو كذلك ،،، جزاك الله خيراً ،،، في إعتقادي أنك أصبت الحقيقة بقولك : أن الهدف هـدف هـو المادة ،،، و لا يخفى على عاقل أن وراء كل هـذه المشاكسات وتلك الطرهات : الكسب المادي ، الدرهم والدينار ، و الريال و الدولار ..... لقد تربع الكسب المادي على سويداء القلوب .....

أكرر لا حولة و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ، و حسبنا الله و نعم الوكيل .....

ملاحظة :

ألا ترى أن الكسب المادي صار وراء كل مشاكل أهـل السودان ؟؟؟؟ لقد تدخل حتى في أمور العبادات ، وما مشكلة الحجاج السودانين هـذا العام إلا من وراء ( المتاجرة ) ، وكما ترى لا تخلو صحيفة سودانية في هـذه الأيام من ذكر مشكلة الحجاج السودانين لهـذا العام ، و إن شئت فعليك بمقال للكاتب الدكتور / عبداللطيف البوني في جريدة الرأي العام ،،، العدد رقم 22539 يوم الثلاثاء 23/12/28 م : عنوان المقال :

دعـوة حاج في أم قلة .............