حاطب ليل\أرى شجراً يسير د\البوني

شاعرنا الكبير وأستاذنا وصديقنا محمد المكي ابراهيم لديه قدرة تصويرية فائقة في الانتقال من صورة الى صورة مغايرة تماماً، وهذه سمة الشعر الثوري، ففي قصيدة واحد وعشرين طلقة لهانوي «عاصمة فيتنام» صور لنا كيف ان الفيتناميين استطاعوا اسقاط الطائرات الأمريكية «السافلة» وكيف انهم من حطامها صنعوا آلات زراعية أي استطاعوا تحويل الحديد من صناعة الموت الى صناعة الحياة «فأنظروا يا جماعة صناع الحياة»، أما في احدى اكتوبرياته فقد جاء «والقيود انسدلت جدلة عرس في الأيادي» فذات القيود الحديدية التى «تكلبش» الأيادى بعد الثورة والتحرير تحولت الى «جدلة» عرس يهز ويبشر بها العريس ويا له من تعبير رائع «قطع شك» أستاذنا ود المكي من الذين صوتوا لاوباما من أجل التغيير.

مناسبة هذه الرمية وما فيها من تغيير سريع من حالة سيئة الى حالة معاكسة وزاهية هي اننا بصدد التنبيه لخطورة التغيير السريع للأسوأ وامكانية حدوثه بين غمضة عين وانتباهتها، فعمليات القرصنة التى تتم الآن في السواحل الصومالية هذه العمليات التى ملأت الدنيا وشغلت الناس تقوم بها قوات حرس السواحل الصومالية سابقاً، هذه القوات كانت قوات عسكرية متطورة لأن سواحل الصومال الطويلة تستدعى وجودها وقد انفق عليها سياد برى انفاقاً كبيراً ولكن ما ان انفرط عقد الدولة الصومالية وراحت في خبر كان إلا وتحولت هذه القوات وبما لديها من خبرة ومعرفة من قوات لحراسة السواحل الى قوات لمهاجمة السواحل وأعالى البحار واصطياد السفن الغنية والمطالبة بفدية كبيرة. بالمناسبة مسئولين من الخير ماذا حدث للسفينة الاوكرانية المحملة بالأسلحة والتى قيل انها كانت قادمة لجنوب السودان واختطفت وتولت كينيا كبرها؟؟ هل استلم القراصنة الفدية؟ هل تمت تسوية سياسية؟ والواضح الآن ان جميع الأطراف سكتت عنها فأكيد وراء الشغلانة صفقة ما وأنا ما بفسر وانت ما تقصر.

عودة الى موضوعنا وان لم نخرج عنه فعندما يتحول أي وضع من حالة انتظام الى حالة فوضى فإن كل آليات - حلوة آليات دي - النظام سوف تتحول الى آليات فوضى، كل وسائل البناء سوف تتحول الى آليات هدم، فالمسئولون عن الأمن سيكونون أول من يهددون الأمن لأن العقد انفرط والكل سوف يبحث عن الخلاص الفردى، الحراس والخفراء سوف يتحولون الى حرامية ونهابين، المكلفون بحفظ الأمانة سوف يتحولون الى خونة للأمانة حتى على الصعيد الاجتماعي والأسرى سوف تتبدل الأدوار الى النقيض حتى الآباء لن يعدوا آباء ولا الأمهات أمهات ولا الأبناء أبناء، وكما قال الفيتورى شاعرنا العظيم «والجاهل من ظن الأشياء هي الأشياء».. فاذاً، يا جماعة الخير دعونا نفكر في حماية دولتنا، دعونا نقف ضد مشروعات الفوضى الخلاقة التى يسعى اليها البعض بوعي وآخرون كثيرون بغير وعي وفيما بعد ان شاء الله سوف نورد شواهد.