حاطب ليل خلوها مستورة د\البوني

في تقديرى ان أهم انجاز في زيارة السيد رئيس الجمهورية لدارفور أخيراً كان التوقيع على عقدين لتنفيذ طريق الانقاذ الغربى أولهما عقد طريق النهود أم كدادة بطول «221» كيلومتراً والثاني زالنجي الجنينة بطول «175» كيلو متراً وقد وعد السيد رئيس الجمهورية بالتعاقد قريباً على بقية المحاور، ولكن لو تم تنفيذ هذين المحورين مع المحاور القائمة من قبل سيكون هذا طريقاً قارياً لا يربط غرب السودان بوسطه، وبالتالى بقية اجزائه بل سوف يصبح طريقاً قارياً يربط غرب افريقيا بشرقها ويجعل من السودان «قلب افريقيا» بحق وحقيقة واذا قام طريق السلام الذى يربط بين الخرطوم وجوبا سوف يرتبط شمال افريقيا بجنوبها، وهنا يجب ان نتذكر فشودة التى تواجه فيها مارشان الفرنسي مع كتشنر الانجليزى، فالاستراتيجية الفرنسية كانت تريد ان تمسك افريقيا بحزام من وسطها يمتد من نواكشوط الى جيبوتى. والاستراتيجية البريطانية كانت تريد ان تمسكها بحزام من الاسكندرية الى الكاب، ولكم ان تدركوا خطورة السودان الاستراتيجية اذا قام هذان الطريقان أو قام احدهما «الله يعلم يخلوه....».
لنعد من هذا التهويم الاستراتيجي الى أرض الواقع، فطريق الانقاذ الغربى هذا لم يعد طريقاً اقتصادياً خدمياً اجتماعياً عادياً بل ارتبط بظلال سياسية كثيفة، ولا نعدو الحقيقة اذا قلنا انه كان من اهم المؤججات لصراع دارفور الحالي، فالانقاذ في أول أيامها عقدت العزم على انشاء هذا الطريق وتحمس له الناس في الخرطوم وفي غرب السودان لدرجة ان المواطنين هناك تنازلوا عن سكر التموين ليدخل السوق الأبيض والأسود وتمت اعفاءات جمركية لمدخلات مهمة لانشاء الطريق دخل بعضها السوق الأبيض والأسود فظهر «أثرياء الشارع» هنا وهناك، ثم توقف العمل وتحولت جهود الدولة الى جهات أخرى وقامت الدنيا وانشق النظام الحاكم وعندما وجه اتهام للدكتور علي الحاج والذى كان من القائمين على ذلك الطريق قال عبارته المشهورة التى سارت بها الركبان «خلوها مستورة». أي - اذا فتحنا هذا الملف سوف تظهر الكثير من الفضائح التى سوف تطال أناساً آخرين.
دعونا من البكاء على اللبن المسكوب وان تأتي متأخراً خيراً من ان لا تأتى نهائياً، فهذان العقدان الموقعان يظهران جدية واضحة، فالشركات المنفذة شركات صينية وللصين نظرية ترى فيها ان مشكلة دارفور مشكلة تنموية وهذا الطريق دافع كبير لحكومتى السودان والصين لاثبات تلك الفرضية. دعونا نحلم بأن يتجه الجميع حاملو السلاح وحاملو اللا شىء للتنمية بدءاً بهذا الطريق والمشاريع التنموية والخدمية الأخرى التى بدأت بقرية سولينقا ونعطى التنمية فرصة بحكومة في دارفور الكبرى اقترحها استاذنا البروفيسور آدم الزين. «لنا عودة ان شاء الله في الاسبوع القادم».